الصكوك الإسلامية كأداة للتمويل وأثرها على النمو الاقتصادي

أصدر المركز الديمقراطي العربي دراسة حديثة تحت عنوان: الصكوك الإسلامية كأداة للتمويل وأثرها على النمو الاقتصادي، وتهدف الدراسة إلى معرفة دور الصكوك الإسلامية كأداة للتمويل في النمو الاقتصادي، عن طريق تناول تجارب حقيقية لإصدار تلك الصكوك في كل من ماليزيا والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا في الفترة الزمنية (2007 – 2015).

ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة وجود علاقة طردية بين إصدار الصكوك الإسلامية والناتج المحلي الإجمالي (وهو المؤشر المعبر عن النمو الاقتصادي)، كما تضمنت الدراسة عنواناً مهماً هو:

 

الأهمية الاقتصادية للصكوك الإسلامية بالنسبة للاقتصاد الكلي:

تعد الصكوك الإسلامية من أهم البدائل للاقتصاد الربوي، حيث يمكنها المساهمة في تحقيق تنمية اقتصادية وذلك عن طريق الاستثمار الذي ينتج عنه زيادة الطاقة الإنتاجية الفعلية للبلد، وذلك لقدرتها على حشد الموارد المالية لتمويل المشروعات الاستثمارية الكبرى، كما أن الصكوك الإسلامية تكون قادرة على تحقيق التوزيع العادل للثروة، فهي وسيلة لتحقيق عدالة توزيع الأرباح والخسائر.

وللصكوك دور كبير في معالجة العجز في الموازنة العامة وحل مشكلة المديونية، وذلك لأنها تعطي الفرصة لكل أفراد المجتمع لسد الاحتياجات التمويلية اللازمة لدعم الموازنة العامة، فيمكن للدولة أن تصدر صكوك بأنواعها لاستثمار حصيلتها في المشاريع المدرة للدخل والربح وبالتالي تخفف الحمل على ميزانيتها.

تساهم الصكوك أيضاً في القضاء على البطالة والأموال المعطلة، حيث تعمل على زيادة مستوى تشغيل الأموال المعطلة بما يحقق رغبات المستثمرين والمدخرين.

 

ويمكننا حصر أهمية الصكوك على الاقتصاد في النقاط التالية:

- المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية

فتستطيع الصكوك الإسلامية أن تحقق تنمية اقتصادية، حيث أنها تتميز بالخصائص التى تجعلها معدة لدور الوساطة بين المدخرين والمستثمرين، كما أنه ينشأ عنها استثمار حقيقي من خلال قدرتها على حشد الموارد المالية لتمويل المشروعات التنموية الكبرى مثل، مشروعات البنية التحتية كالنفط والغاز والطرق والموانئ وغيرها، كذلك لتمويل التوسعات الرأسمالية للشركات.

- تحقيق التوزيع العادل للثروة

حيث أن الاستثمار الإسلامي يعتمد على مبدأ الربح والخسارة وهو أساس العدل في العمل الاقتصادي، كما أن الصكوك قائمة على المشاركة، وبالتالي تتضمن عدالة توزيع الأرباح، ومن ناحية أخرى تتحقق العدالة في توزيع الثروة من خلال الزكاة التي تقوم بهذه العملية بشكل يتناسب مع حجم الثروات والموارد المتاحة.

- حل مشكلة المديونية ومعالجة الموازنة العامة

تتيح الصكوك الإسلامية الفرصة أمام أفراد المجتمع للمشاركة لسد الاحتياجات التمويلية اللازمة لدعم الموازنة العامة، حيث أنها تحتاج إلى تمويل ضخم لتنفيذ برامجها الاقتصادية وسد العجز في موازنتها.

لذلك فيمكن للدولة أن تصدر الصكوك بأنواعها مع ما يتلاءم مع تحقيق هدفها، وذلك لتمويل مشاريعها التي تحتاج إلى أموال ضخمة لتنشئ مشاريع مدرة للربح كي تساعدها في علاج موازنتها.

أما بالنسبة لدور الصكوك في حل مشكلة المديونية، سواء كانت ديوناً خارجيةً أو ديوناً داخليةً في شكل قروض ربوية، فإنه بإمكان الدولة تحويل تلك القروض إلى صكوك ملكية خدمات عامة تقدمها الدولة مثل، خدمات التعليم أو الصحة أو النقل، أو عن طريق صكوك استصناع سلع تنتجها الدولة بحيث يحصل حاملها على سلع بقيمة ما قدموه من قروض سابقاً.

- القضاء على مشكلة البطالة والأموال المعطلة 

حيث تساهم الصكوك الإسلامية في القضاء على مشكلة البطالة وتعمل على زيادة مستوى التشغيل وتشغيل الأموال المعطلة، حيث تعمل الصكوك على تحقيق رغبات كل من المستثمرين والمدخرين.

فمثلاً أسلوب المضاربة يحفز العاطل (الذي ليس لديه رأس مال) على العمل الجاد في الاستثمار، وبالتالي سوف يساهم في تمويل التنمية الاقتصادية وإنجاحها، كما يمثل اسلوب المشاركة تشجيع أصحاب رأس المال على المشاركة في العمل الاستثماري، وهكذا في باقي أنواع الصكوك.

وتكون نتيجة ذلك القضاء على أغلب معوقات العمل والمساهمة الفعلية في تشغيل الأموال العاطلة في الاستثمارات المتاحة.

- تدعيم وتطوير سوق الأوراق المالية

للصكوك الإسلامية دور كبير في تدعيم وتطوير وتنشيط سوق الأوراق المالية بشكل عام وسوق الأوراق الإسلامية بشكل خاص، وذلك من خلال دورها في توسيع قاعدة الأوراق المالية في سوق المنتجات الإسلامية من ناحية وإجتذاب مثير من المتعاملين ورؤوس الأموال إلى تلك السوق من ناحية أخرى.

كما أن الصكوك ساهمت في حل بعض المشكلات التي تواجه نمو وتطور أسواق الأوراق المالية في بعض الدول العربية الإسلامية منها، مشكلة وجود الفرص الاستثمارية الجاهزة، عدم فاعلية الأدوات المالية التقليدية لتعبئة المدخرات وتمويل التنمية الاقتصادية، والإعتماد على المؤسسات الدولية للحصول على التمويل اللازم، وعلى حركة رؤوس الأموال الخارجية، والتخوف من الإنفتاح على الأسواق الخارجية.

 

- النتائج والتوصيات التي خرجت بها الدراسة:

أولاً: النتائج

- الصكوك الإسلامية وسيلة مفيدة لتمويل مشروعات البنية التحتية والمشروعات التنموية الكبرى، وكذلك مشروعات التنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر.

- تنوع وتعدد أشكال وصيغ إصدار الصكوك يفتح أبواباً كثيرة للاستثمار أمام الشركات والحكومات.

- من خلال النتيجتين (1 و2) يكون قد تم التأكد من صحة الفرضية الأولى (الصكوك الإسلامية ذات أثر إيجابي على مستوى الاقتصاد الكلي).

- كثير من الدول والهيئات والمؤسسات الإسلامية والغير إسلامية لجأت في الفترة الأخيرة إلى إصدار الصكوك التي تتوافق مع أحكام الشريعة؛ نظراً لأهميتها في التنمية الاقتصادية.

- من خلال استعراض التجربة الماليزية، تبين أن ماليزيا تحتل القمة في إصدار الصكوك الإسلامية، وساعدت هذه الإصدارات في تمويل مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية في ماليزيا، واتضح لنا كيف ساهمت الصكوك في التأثير على إرتفاع الناتج المحلي للفرد، وبالتالي إتضح لنا مدى مساهمة الصكوك الإسلامية في دفع عجلة النمو الاقتصادي في ماليزيا.

- من خلال استعراض التجربة الإماراتية، تبين أن الإمارات هي أولى الدول التي أصدرت الصكوك الإسلامية عام 1975، وهي تحتل الصدارة عربياً في إصدار الصكوك الإسلامية، واستطاعت الإمارات أن تستخدم هذه الصكوك في تمويل المشاريع التنموية، وأيضاً بنك دبي الاسلامي وهو بنك خاص بإصدار الصكوك الإسلامية، فاتضح أنه يساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلى الإجمالي مقارنة بالبنوك الأخرى.

- من خلال عرض التجربة البريطانية إتضح أن بريطانيا أول دولة خارج العالم الإسلامي تصدر صكوكاً إسلامية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأن أول إصدار للصكوك الإسلامية الحكومية كان عام 2014 وتستحق في عام 2019 بمقدار 200 مليون جنيه إسترليني، ويوضح ذلك رغبة الحكومة البريطانية في أن تصبح المركز الغربي للتمويل الإسلامي، أما فيما يتعلق بإدراج الصكوك في بورصة لندن، فإن أول إصدار للصكوك الإسلامية كان عام 2007.

- من خلال النتائج (5 و6 و7)، يكون قد تم التأكد من صحة الفرضية الثانية للدراسة (للصكوك الإسلامية دور في دفع عجلة النمو الاقتصادي).

- اتضح من النموذج القياسي أن هناك علاقة طردية بين الناتج المحلي الإجمالي والصكوك الإسلامية، وهذا يوضح الدور الذى تلعبه الصكوك الإسلامية في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وبذلك يكون قد تم التأكد من صحة الفرضية الثالثة للدراسة (يرتبط الناتج المحلي الإجمالي إرتباطاً طردياً مع الصكوك الإسلامية).

 

ثانياً: التوصيات

- العمل على النهوض بسوق الصكوك الإسلامية، وذلك بزيادة عدد الإصدارات وتنظيم تداولها.

- عمل دراسات لمواجهة تحديات سوق الصكوك الإسلامية.

- تشجيع التداول الإلكتروني للصكوك الإسلامية، والبعد عن الإجراءات الورقية المعقدة.

- حث الدول النامية على إصدار الصكوك للتغلب على مشاكل التمويل بها.

- حث البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على التوسع في إصدار أوعية إدخارية متوسطة وطويلة الأجل، وتوجيهها لتمويل المشروعات ذات النفع العام.

02-أيلول-2018 16:30 م

نبذة عن الكاتب